تفاجأ الشارع المغربي من التَّغيرات التي طرأت مؤخرا على المواقف المغربية تُجاه بعض القضايا وبعض الدول التي كانت حليفة وصديقة للمغرب إلى زمن قريب، فبعيدا عن سياسة المُهادنة اختار المغرب التخلي عن الإمساك بالعصا من الوسط مقابل التصدي لكل قرار لا يخدم مصالح المملكة.
فما بين " الانقلاب الإعلامي" الذي سَلكته قناتا القطب العمومي المغربيتين حين وصفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ"قائد الانقلاب"، مستعرضة الأزمات الاقتصادية والأمنية الخانقة التي تعيشها البلاد، مرورا بتصريحات وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، القائل بانتهاء الوصاية الفرنسية على المغرب، انتهاء بمقاطعة "مسيرة باريس" التي ضمت عددا من كبار قادة الدول، يُستشف نهج جديد تسير عليه السياسة الخارجية المغربية في تعاطيها مع دول " صديقة".
الدكتور محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة، أوضح في تصريح لهسبريس، أن العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا ليست في مُستواها السابق، وأن الأمر ناتج عن التوجهات الرئيسية للحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا الذي يَميل إلى الجزائر أكثر من مَيْله للمغرب. مشيرا أنه فكان من اللازم لهذا الأخير أن يتخذ قراراته بخصوص هذه الاختيارات الفرنسية ويتجه صوب اسبانيا التي غدت الآن حليفة له.
وبخصوص مصر، أوضح الأستاذ الجامعي، أن الوحدة الترابية المغربية تُعتبر من ثوابِت الأمة، مشددا على أن القضية أصبَحت محطَّ إجماع والفاعلين بالمغرب، " المغرب لم يعُد يسمح لأي طرف بأن يخذُله على مستوى قضية الصحراء ولو تعلق الأمر بأشقاء وحلفاء" يقول العمراني بوخبزة، مستدركا أن " رد فعل المغرب كان واضحا من خلال بعض الأفعال المصرية غير الحيادية المتعلقة بملف الصحراء. إضافة إلى بعض الخَرجات غير المحسوبة للإعلام المصري تجاه المجتمع المغربي".
وأفاد الدكتور بوخبزة، إلى أن المغرب شهد تغيُّرات جذرية في تعامله مع دول الخارج، موضحا أن المغرب كان يرهن مصالحه بشكل كبير بقضية الصحراء، وكان يجد نفسه ضعيفا ومكبلا ارتباطا بذات القضية، متابعا أنه استطاع في السنوات الأخيرة أن يرص بيته الداخلي ويقوي إنجازاته السياسية وأن يبدأ مشواره على مستوى التنمية..
وأوضح أستاذ العلوم الياسية والعلاقات الدولية، أن الوضع الداخلي بالمغرب يسمح للدولة بمواجهة الآخر خصوصا مع وجود مُساندة شعبية، مؤكدا على أن التَّحول الذي عرفته السياسة الخارجية المغربية سمح بانتقال المغرب من حالة دفاع في مواجهة الدول، إلى حالة التصدي لكل قرار وموقف لا يخدم مصالح المغرب، " لم نصل بعد بالسياسة المغربية إلى حالة الهجوم على اعتبار أن المغرب لم يسبق له التشويش على دول أخرى ولم يبحث عن خلق متاعب لدول أخرى" يقول بوخبزة.
وخلص المتحدث، إلى أن المغرب لم يعد يَستسيغ المس بمصالحه دون إبداء أية رد فعل، وهو الذي لم يعُد يميِّز ما بين الدول الصغيرة والكبيرة، فالسياسة الخارجية المُعينة تسري على الجميع، وهو ذات الأمر الملاحظ في الخطابات الملكية الأخيرة التي باتت تسمي الأمور بمسمياتها تجاه الجزائر مثلا. كما طالت الولايات المتحدة الأمريكية لعدم وضوح مواقفها تجاه القضية الوطنية، ناهيك عن اتهام الخطب لدول غربية لها يد في غياب الأمن والتنمية في دول العالم الثالث.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire